دروس ما بعد كورونا فيروس : مغرب الإرادة الجديدة و التعبئة الوطنية و احترام الحقوق و الحريات .
• محمد أوجار :
دروس مابعد كورونا فيروس : مغرب الإرادة الجديدة و التعبئة الوطنية و احترام الحقوق و الحريات .
**********************
تجتهد الإنسانية و تعبئ كل الطاقات و الامكانيات الفكرية و العلمية و الطبية و العسكرية والمالية و التدبيرية … وغيرها و تسخر كل الوسائل البشرية التي تتوفر عليها لمواجهة جائحة كورونا فيروس ، وهزم هذا الوباء الخطير و الفتاك و الحد من انتشاره ومحاصرة آثاره الكارثية في كل المجالات .
و تختلف نجاحات و إخفاقات الدول في هذه الحرب الكونية، والتي كشفت ضعف كبريات الأمم المتقدمة و الصناعية و ارتباك قادتها و عجز مختبراتها و مؤسساتها الطبية و البحثية و الجامعية عن بلورة الإجابات و الحلول القادرة على الإجتتاث السريع و القضاء الشامل على وباء كوفيد 19 .
و نحن اليوم أغنياء و فقراء، دول مصنعة و متخلفة أمام وضع لم يكن أحد يتخيل أن نواجهه يوما ما.
و بكل تأكيد فإن ما عشناه في الأسابيع الماضية و ما سنعيشه في الأيام المقبلة سيظل سابقة كونية لم يشهد مثلها التاريخ لكثير من الإعتبارات التي يدركها الجميع و التي لا يسع المجال للحديث عنها اليوم .
و مما لا جدال فيه أن هذه التجربة الإنسانية الفريدة التي نعيشها ستحدث انقلابات استراتيجية عميقة ستطبع عالم الغد سواء على صعيد صياغة التوازنات أو بلورة هندسة جديدة للعلاقات الدولية و مراكز النفوذ الجديدة.
لا يمكن استصاغة أن العالم سيظل كما هو اليوم بعد كل المآسي و الفواجع التي عانت منها كل الشعوب نتيجة العجز البين أمام هذه الجانحة.
ترتيبات استراتيجية جديدة ستبرز نتيجة ما أفرزته سياسات تدبير هذه الأزمة الكونية و ماكشفت عنه من قصور لآليات العولمة و القيم التي تولدت عنها في مواجهة هذا الوباء.
فلا الإتحاد الأوروبي يمكنه أن يخرج سالما من محاسبة الشعوب و الدول الأعضاء لبعضها البعض في كل ما يتعلق بالفشل في تدبير اوربي موحد للأزمة، ولا الولايات المتحدة الأمريكية يمكنها أن تحافظ على ريادتها المطلقة للعالم بعد أن عاين الرأي العام الدولي عجزها و تخبطها و انكماشها في تحيز سافر لمصالحها الوطنية على حساب مقتضيات التضامن الدولي و التعاون الإنساني بين كل الشعوب و الدول .
كما أن الصين الشعبية لن تخرج سالمة من هذه المحنة ، و لن يقبل العالم أن تظل كما كانت في الماضي مصنعا لكل العالم يؤمن له احتياجاته في كل المجالات بما فيها الصيدلانية .
لا يمكن حصر لائحة كل المتغيرات الاستراتيجية التي نحن مقبلون عليها في آسيا و أوروبا و أمريكا خاصة و داخل منظومة الأمم المتحدة بكل هيئاتها المتخصصة ، و لكن الأساسي هو أن نتساءل أية مكانة للمغرب في عالم الغد الذي هو قيد التحول ؟
إن بلادنا و بدون أية مبالغة قد نجحت في تقوية مصداقيتها كدولة جدية ذات شخصية قوية و فعالية في الأداء و نجاعة في تدبير الأزمة .
و هذا التميز يفتح لنا آفاقا جديدة في عالم الغد على الصعيد السياسي و الاقتصادي و القدرة على استقطاب الاستتمارات و إنتاج نموذج للعيش المشترك .
إن تفكيرا شاملا يحتاج اليوم دوائر القرار اىاقتصادي و المالي في الغرب حول ضرورة و استعجالية نقل كتير من الاستتمارات الغربية و أساسا الأوربية من الصين . و للمغرب كتير من المؤهلات للتنافس على استقبال نسبة من هذه الاستثمارات التي سيتم نقلها .
كما أن أفكارا جديدة بدأت تملا العواصم الغربية الحليفة لنا حول السيادة الصناعية و الاقتصادية و بالضبط استعادة كتير من استتمارات هذه الدول من الخارج إلى داخل أراضيها . و هذا التوجه قد يؤتر على المغرب الذي يحتضن كتيرا من هذه الاستتمارات و عليه فإنه من المستعجل أن نشارك بجد في كل أوراش التفكير في الصياغة الجديدة لعالم ما بعد كورونا فيروس ، حتى نكون من المستفيدين من هذه الترتيبات الجديدة و على الأقل ألا نكون من ضحاياها .
من أجل أن نمنح بلادنا كل المؤهلات التي ستمكنها من الخروج أقوى من هذه الأزمة لا بد من قراءة ما أفرزته هذه الجائحة من سلوكات و ما كشفت عنه من عوامل ضعف لإصلاحها أو قوة لتجويدها .
إن الأزمة سمحت للعالم و المغاربة أن يعاينوا على الميدان أن الدولة المغربية بكل امتداداتها الإدارية و السلطوية و الأمنية و المدنية و العسكرية و القضائية و الاجتماعية هي حقيقة ماثلة للعيان ، و نجحت في تأطير البلاد داخل المدن و في القرى في ظرف قياسي مكن الدولة المغربية من التحكم في مجالها الحضري و فضائها القروي بصيغة مكنت من فرض الحجر الصحي .
و رغم كل الصعوبات التي تواجه كل الدول في فرض هذا الحجر الصحي حين تنفده تحت ضغط الطوارئ الصحية ، فإن البلاد حققت في هذا المجال نجاحين :
* النجاح في فرض الحجر الصحي رغم بعض الصعوبات التي رافقت البدايات.
* حرص كل تدخلات الدولة بكل أجهزتها على احترام سيادة القانون و حقوق الإنسان و حرياته .
و لقد أبانت كل السلط التنفيدية و التشريعية و القضائية على تعبئة استتنائية ليجد الدستور المغربي التطبيق السليم و الإيجابي الدي يستحقه مما يدعم الممارسة الديمقراطية و يقويها .
و هدا النجاح يعود فيه الفضل إلى جلالة الملك محمد السادس و الدي أبان خلال إشرافه الشخصي و المباشر و اليومي على قيادة مختلف الاستراتيجيات الوطنية لمواجهة هده الجائحة ، على قدرات استتنائية جعلت العالم ينظر إليه بإعجاب و تقدير كزعيم رائد امتلك مند بداية الأزمة رأية استباقية و شجاعة سياسية كبيرة و إرادة قوية مكنته من اتخاد قرارات شجاعة و حاسمة حصنت بلده ، و مكنته من مواجهة هذا الوباء بتقة في النفس و بخطوات جعلته يتحول إلى نموذج ناجح يؤسس لتجربة مميزة في مواجهة الأزمات .
و لعل أهم المعالم الكبرى للمعالجة المغربية هو نجاح الملك محمد السادس في رص صفوف الجبهة الداخلية و خلق تعبئة وطنية و اجتماعية شاملة خلقت مناخية جديدة و نفسية اجتماعية رائعة أشركت في ديناميتها العامة كل الطاقات المغربية من كل الفئات و من كل الأجيال و من كل الجهات .
مغرب جديد أطلقته مبادرات محمد السادس ، يشتغل فيه المدني بجانب العسكري و الغني بجانب الفقير و العامل رفقة العاطل و الكل في نفس تضامني أبهر العالم .
الجائحة كشفت حجم الفقر الممتد في بلادنا و ارتباك كل السياسات الاجتماعية و عجزها البين ، و لكن الإرادة الجديدة في مناخية العمل الجديد مكنت بقيادة مباشرة و يومية من جلالة الملك من تعبئة المواطنين في مشروع وطني جديد لمواجهة هذا الوباء على قاعدة التضامن الوطني و التلاحم و التآزر بين مختلف مكونات المجتمع .
إننا مدعوون للتأمل الجدي في طاقات التضامن الجبارة التي تفجرت في بلادنا و كيف عبرت عن نفسها ماليا و اجتماعيا و مدنيا في مختلف المبادرات .
هذه الطاقة التضامنية تعيد البهاء إلى القيم المتأصلة في المجتمع المدني و التي تجد اسمنتها القوي في تعاليم الدين الاسلامي الحنيف و وتقاليدنا الاجتماعية العريقة .
الأزمة أعطت الانطلاقة لميلاد توجه جديد في علاقات المواطن المغربي بإداراته و مؤسساته ، و بالتالي عودة الثقة إلى هذه العلاقات التي كانت متميزة بنوع من التوتر و كثير من العجز في منسوب الثقة .
و لا بد أن ندعم هذا التوجه في المستقبل لبناء وشائج الثقة و ذلك عبر تدعيم سيادة القانون و الخضوع الجماعي لمقتضياته .
إن جيلا جديدا من الإصلاحات أصبح يفرض نفسه و علينا أن نباشر هذا الورش بتوافق وطني و بعيدا عن كل الشعبويات و الحسابات الحزبية الضيقة .
أن تحديات المرحلة المقبلة لما بعد كورونا ، يجب أن يكون الرابح الأول فيها هو الوطن و هذا يقتضي من كل النخب السياسية و الحزبية و الاقتصادية و المدنية و النقابية و الإعلامية سلوكا جديدا ينبذ كل الحسابات الظرفية لصالح مجهود وطني جماعي يمكننا جميعا تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس من بلورة تعاقد اجتماعي و اقتصادي جديد يكون المواطن المغربي هو حجر الزاوية و تكون مصلحة الوطن هي هدفه النهائي و الأخير .
تدبير الأزمة أفرز أجمل القيم في مجتمعنا من تمسك بأخلاقيات نبيلة ، و لكن في نفس الوقت نبهنا إلى ضرورة الاهتمام بما بدأ يتنامى في هوامش مدننا من ممارسات شاذة لا بد من القضاء عليها قبل أن تفسد أخلاق المغاربة .
إن ما بعد كورونا يجب أن يدفع نخبنا إلى التفكير الجماعي لما يجب أن يكون عليه المغرب غدا : دولة قوية باحترام القانون و حقوق الإنسان ، دولة جادة في معالجة العجز الاجتماعي و محاربة الفقر و كل أشكال الفساد ، و حريصة على دعم جبهتنا الداخلية و تلاحم مجتمعنا في مشروع جماعي يستهدف كرامة الإنسان و نهضة البلاد و مناعة الاقتصاد الوطني و تساوي الجميع في الحقوق و الواجبات في ظل دولة الحق و القانون.
halimbahae
يمكن القول إن التعليم عن بُعد يُعد أحد الحلول التي لجأنا إليها لمواجهة انتشار فيروس “كورونا”، وعدم تعطيل العملية التعليمية بشكل كامل في الوقت نفسه؛ إلا أن هناك تحديات تواجه هذه العملية بسبب عدم توفر البنية التكنولوجية اللازمة وانتشار الأمية الإلكترونية.
kaffay
تحليل عميق وبناء